أول ما نزل من القرآن الكريم
اختلف العلماء في أول ما نزل من القرآن الكريم على أقوال :
أولها : وهو الصحيح : ( اقرأ باسم ربك .. ) الآية ، إلى قوله : ( ما لم يعلم ) ، وهو ما رواه البخاري ومسلم عن أم المؤمنين عائشة .
الثاني : ( يا أيها المدثر ) . والظاهر أن " سورة المدثر " نزلت بكمالها قبل نزول تمام " سورة أقرأ " التي نزل منها صدرها أولاً . وعبّر بعض العلماء للتوفيق بين الرأيين الاول و الثاني بقولهم : أول ما نزل للنبّوة ( اقرأ باسم ربّك ) وأول ما نزل للرسالة ( يا أيها المدثر ) .
الثالث : ( الفاتحة )
الرابع : ( بسم الله الرحمن الرحيم ) .
وقد روى الشيخان عن أم المؤمنين عائشة : أن أول ما نزل سورة من المفصل فيها ذكر الجنة والنار ، حتى إذا ثاب الناس إلى الإسلام نزل الحلال والحرام .
وعن علي بن الحسين : أول سورة نزلت بمكة ( اقرأ باسم ربك ... ) وآخر سورة نزلت بها " المؤمنون " ، ويقال العنكبوت . وأول سورة نزلت بالمدينة ( ويلٌ للمطففين ) ، وآخر سورة نزلت "براءة " . وأول سورة أعلنها رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة " النّجم"
وفي شرح البخاري لابن حجر : اتفقوا على أن " سورة البقرة " أول سورة نزلت بالمدينة
وفي تفسير النسفي عن الواقدي أن أول سورة نزلت بالمدينة " سورة القدر " .
:آخر ما نزل من القرآن الكريم
وفيه اختلاف كذلك ، روى الشيخان عن البراء بن عازب قال : آخر آية نزلت : ( يستفتونك قل الله يُفتيكم في الكلالة ... ) الآية . وآخر سورة نزلت " براءة " .
وعن ابن عباس قال : آخر آية نزلت آية الربا ، والمراد بها قوله تعالى : ( يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وذروا ما بقي من الربا ... ) ( البقرة : 278- 280 )
وعن ابن عباس قال : آخر شيء نزل من القرآن ( واتقوا يومًا ترجعون فيه ... ) ( البقرة Sad 281 ) .
ولا منافاة بين هذه الروايات في " آية الربا " و ( اتقوا يومًا .... ) و " آية الدين " ، لأن الظاهر أنها نزلت دفعة واحدة كترتيبها في المصحف ، ولأنها في قصة واحدة ، فأخبر كلٌّ عن بعض ما نزل بأنه آخر ، وذلك صحيح .
وعن أبيّ بن كعب قال : " آخر آية نزلت ( لقد جاءكم رسول من أنفسكم .. ) ( التوبة : 128-129 ) إلى آخر السورة .
وعن عائشة : [ آخر سورة نزلت " المائدة " فما وجدتم فيها من حلال فساتحلوه .. ] ( أخرجه الحاكم والترمذي ) .
وقال القاضي أبوبكر ، في كتابه " الانتصار " : " هذه الأقوال ليس فيها شيء مرفوع إلى النبي صلى الله عليه وسلم وكُلٌّ قاله بضرب من الاجتهاد وغَلبَة الظن ، ويُحتمل أن كلا منهم أخبر عن آخر ما سمعه من النبي صلى الله عليه وسلم في اليوم الذي مات فيه ، أو قبل مرضه بقليل ، وغيره سمع منه بعد ذلك وإن لم يسمعه هو " .
ومن المشكل على ما تقدم قوله : ( اليوم أكملتُ لكم دينكم .... ) ( النساء : 176 ) الآية ، فإنها نزلت بعرفة عام حجة الوداع ، وظاهرها إكمال جميع الفرائض والأحكام قبلها ، وقد صرّح بذلك جماعة منهم : السُّدى فقال : " لم ينزل بعدها حلال ولا حرام " مع أنه ورد في آية " الربا " و " الدّين " و " الكلالة " أنها نزلت بعد ذلك ، وقد استشكل ذلك ابن جرير وقال : " الأوْلى أن يُتأوّل على أنه أكمل لهم دينهم بإقرارهم بالبلد الحرام ، وإجلاء المشركين عنه حتى حجة المسلمون لا يخالطهم المشركون " .
من كتاب " الإتقان في علوم القرآن "
منقول